صور لبعض المناطق و الأماكن السياحية في تعز
ALBAB ALKABER
جامع الجند
تعز.. مدينة من أجمل المدن اليمنية وأروعها .. تمتاز بجمالها وهوائها وثقافة أبنائها، أنها المدينة الثقافية في اليمن، وهي بالإضافة إلى ذلك مدينة تاريخية توجد بها آثار عريقة تحكي حضارة شعب عريق .ومن آثار هذه المدينة و تشد إليها الرحال من مختلف أصقاع العالم : جامع الجند.. أول جامع في اليمن، أسسه معاذ ابن جبل الصحابي الجليل الذي أرسله الرسول (ص) إلى اليمن ليكون والياً عليها وليدعو أهلها إلى الإسلام .
عندما تدخل المسجد تتذكر على الفور معاذ بن جبل والرسول (ص) ، والفترة الذهبية، حينما أنتشر الإسلام في أرجاء المعمورة.
وصلنا إلى جامع الجند صباح يوم من أيام تعز الرائعة الجميلة لنتفاجأ بوجود عدد كبير من السياح يطوفون في صحن الجامع ويتأملون طريقة بنائه والنقوش القديمة في أرجائه .. كانوا مبهورين كيف استطاع القدماء بناء مثل هذا الجامع على طراز إسلامي فريد في البناء والنقوش والمنارة .. خصوصيته وعبقه والرهبة اللذيذة التي شعرنا بها تشدنا أكثر للمعاينة العميقة هذه الأمور نبحث عن إمام الجامع والذي بدوره قام بفتح أبوابه الداخلية.. دخلنا الجامع ووقفنا في حضرة الصحابي الجليل معاذ بن جبل ، كان محراب معاذ لا يزال موجوداً وبجانبه محراب آخر قام ببنائه الأيوبيون يقع في وسط الجامع .. يقول المؤرخون أن في القوس الأعلى ـ والذي يبدو ظاهرة على شكل زينة آية قرآنية هي " يأيها الذين آمنوا أركعوا واسجدوا وأعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ".
وفي الجزء الأيمن من المحراب كتب فيه اسم الذي قام بعمل المحراب كالتالي "افرغ من عمل هذا المحراب الفقير إلى رحمة الله عبدالله بن أبي الفتوح في شهر رجب سنة 618 هـ" ثم في الجهة اليسرى للمحراب :" صلى الله على سيدنا محمد وسلم" .
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المحراب مشهد إضافة زخرفية بمادة الجبس عام 612هـ1215 مـ ويقع المحراب وسط حائط القبلة الشرقية، أما المحراب الصغير والموجود في شرق المنبر فهو المحراب الأصلي الذي تبقى من مسجد معاذ بن جبل رضي الله عنه.
في داخل المسجد يسحرك البهاء الإسلامي بكل ما فيه من قدسية ووضوح.. يالله.. كم كان أجدادنا مبدعين ورائعين في كل شيء ، وعندئذ ليس أمامك سوى أن تنحني أمام عظمة الإسلام وعبقرية أبنائه في فنون العمارة والزخرفة والنحت ..
نقوش أبداعية حاضرة إلى الآن.
وهناك إضافات كتابية عديدة استقرت في المحراب والمنبر من مختلف العصور وتتضمن أخبار خاصة بالإنشاء وأدعية، وقد تغيرت مواقعها الأصلية ما عدى تلك الكتابات المنقوشة بالحائط الجنوبي.. أما منشاة الوضوء ذات الغرف الصغيرة والمقببة فتقع بالجانب الجنوبي الشرقي . ومن الكتابات الموجودة هناك لوحة على الباب الشرقي جاء فيها : بسم الله الرحمن الرحيم – أمر بعمارته الملك" ، وفي الحجرة الشمالية المقابلة لها بقية الجملة، وتقول " المهذب العزيز المعظم في المنار الأعلى المجلل" وفي الحجرة اليمنى " سيد الأمة وشيد المنة ظهير الدين "، وفي الحجرة الشمالية"الملك الموحد قامع وقاهر الخوارج والمنافقين"، وفي الحجرة اليمنى "مبيد الكافرين والمشركين، ملك العرب وسلطان الحرمين واليمن والهند، ناصر أمير المؤمنين أبو الفوارس التكاتكي أبن أيوب، خلد الله ملكه وعز نصره في 20 من شهر جماد الأول سنة 75هـ".
ومكتوب في لوحة ـ ربما هي جديدة ـ في غرفة المسجد في سنة 1393 هـ " تجدد النصف الغربي من المسجد على يد الملك فيصل رحمه الله" الجدير ذكره أن الصليحيين في عهد الملكة أروى قاموا بإمرار الماء من الجبل الذي فوق خندة، أي من جبل تعكر من الناحية الشرقية ، وكانت تسمى بساقية الجند، وما تزال بعض آثارها إلى الآن، ويحكى عن هذه الساقية أن السيدة أروى قد نقبت بئراً وعملت ما يشبه عقود وتقارب 600 ذراع.
حتى جاء سيل جارف وهدم ذلك، وبعد ذلك جاء أمين ـ ولد ـ حسين بن إسماعيل ـ وحول الساقية إلى مكان آخر.
وحدثنا إمام الجامع عن رجال الخير الذين ساهموا في ترميم وإصلاح المسجد فقال: بعد انقطاع الساقية التي كانت تصل إلى الجامع قام السيد الحاشدي صاحب مصنع البحر الأحمر للمنظفات بتوصيل الماء إلى المسجد .. وقد قام المرحوم هائل سعيد أنعم بإصلاح أبواب من الخشب الممتاز ، وكذا إصلاح خزان المياه للجامع، بالإضافة إلى عشرة حمامات وبناء مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم .
أما فُرُش الجامع والمصاحف فهي على نفقة المغتربين اليمنيين، وقد قامت وزارة الأوقاف بترميم الأعمدة وإضافة أحجار رخامية إلى الأعمدة في فناء المسجد ستة 1989م .. كما أكد أن أعمال الترميم الحديثة التي تمت حوالي 1393هـ/ 1970م على نفقة الملك فيصل قد أسفرت عن تغيرات كبيرة كانت بمثابة تجديد شامل للمبنى ..
وخلال زيارتنا للمسجد لاحظنا التغيرات الممتازة التي تمت في السبعينيات للحفاظ على هذا المسجد الإسلامي القديم الذي أسسه معاذ بن جبل عام 6 هـ 627 م ، لكنه ـ مع ذلك ـ لا يزال بحاجة إلى دعم أكبر للحفاظ على ما تبقى منه ، لأنه لم يكن يوماً للصلاة فقط بل كان مدرسة إسلامية تؤدي دوراً عظيماً في نشر الإسلام وتعليم مختلف العلوم، ولا بد أن يظل منبر إشعاع للهداية والنور، ومركزاً لتحفيظ القرآن الكريم ـ خاصة بعد مشاهدتنا لمسناه عند زيارتنا له الأولاد الصغار يتعلمون القرآن في مدرسة خاصة بجانب المسجد لتعليم القرآن الكريم.
قد سعدنا كثيراً تأكيد الدكتور حاتم الصلاحي وهو أستاذ أكاديمي محاضر في كلية الهندسة.. على وجود دراسة قام بإعدادها بناء على تكليف من رئاسة الجمهورية تتضمن الكيفية التني سيتم من خلالها ترميم كل أجزاء الجامع بطرق علمية تضمن الحفاظ على نقوشه النادرة.. كما أشار إلى وجود دراسة أخرى تتعلق بمسح المنطقة المجاورة وشراء المنازل المجاورة للتوسعة وإقامة حديقة واسعة للجامع تمتد حتى الشارع الرئيسي.
* خرجنا من الجامع وألقينا نظرة مودعة على منظر لا تنساه الذاكرة بعد أن ودعنا الجامع و معاذ بن جبل ونحن نتشوق إلى روحه الطاهرة ... وبينما كنا نودع المسجد كانت أفواج من السياح والزائرين تأتي لتشاهد أقدم المساجد اليمنية وأعظمها، وكان المسجد يستقبلهم بكل الحب والترحيب لينبهروا كما انبهرنا ويشاهدوا عظمة الإسلام كما شاهدنا ويصلوا في محراب معاذ بن جبل رحمه الله ورضي عنه .. هل سبقت وزرت مدينة الحب والثقافة والتاريخ تعز و قمت بزيارة جامع الجند "جامع معاذ بن جبل"؟ إذا لم تكن قد فعلت فافعل الآن .. وقم بزيارة المسجد على الطبيعة، فنحن لم نستطع أن نصف شيئاً من حقيقة المسجد وروعته وجماله.. فالواقع يفوق الخيال .
No comments:
New comments are not allowed.